مقالات مجد الوطن

رقصُ الصعاليك

 

محمد الرياني

شارعٌ واسعٌ مغبرٌّ من أثرِ غبارِ أمس، صواعق عاتية ضربت بعضَ الأماكن، خوفٌ رهيبٌ سيطرَ على الحيِّ القاتم ، مجموعةٌ من الصعاليكِ لايبرحون الشارع ، يبذرون على الأرضِ السوداء عباراتٍ قذرةً يشتمون فيها بلا هوادة ، يقذفون كل من جاورَهم دون التمعنِ في وجوههم ، انقشعَ الغبارُ العالقُ بفعل رقصهم الأهوج، تطايرَ الرملُ حولَ البيوتِ الخربةِ القديمة، رجلٌ كالحُ السوادِ مثلَ شيطانٍ رجيمٍ يتوعدُ كلَّ مَن سوَّلتْ له نفسُه وحرَّكَ الغبارَ الساكنَ على الأرض، خرجَ يتمتمُ بعباراتٍ مثلَ الصعاليك، احتدمَ الموقفُ بين صعلوكٍ أسودَ وعصابةٍ تسكنُ الشارعَ لتذرَّ الرمالَ في وجوهِ الطيبين، نادوا عليه كي يشاركهم فرحةَ الليلةِ التي اغتسلتْ بالمطر، هبَّتْ عاصفةٌ جديدة، نزلتْ صاعقةٌ من السماءِ فألقتْهم على الترابِ صرعى، خرجَ الأبرياءُ ينظرون إلى أثرِ النورِ الحارقِ الذي هبطَ من السماءِ على الأرض، اصطدموا بالجماجمِ الشريرةِ التي تمرغتْ بالتراب، هطلَ مطرٌ غزير، بدا الشارعُ الجديدُ مثلَ وجهِ الطيبين، نادوا على مَن يحملُ الجثثَ إلى مرقدِها الأخير، رفعَ الأبرياءُ أكفَّهم ولاتزالُ السماءُ تهطلُ بالمطر، شمَّروا في اليوم الثاني عن سواعدِهم واتجهوا يزرعون الأراضي القريبةَ دون خوف ، امتلأ المكانُ بالعصافيرِ الصفراء التي غابت منذُ زمن، اخضرَّ المكان، جاء فصلُ ربيعٍ جديدٍ بلا صواعق، فاحتْ رائحةُ الأرض، جاءَ الرقصُ هذه المرةَ مختلفًا؛ لم يكن كرقصِ الصعاليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى