مقالات مجد الوطن

حينما يصبح ( الماضي دينا ) !

 

بقلم : احمد حسين الاعجم

لست مع المغامسي في حكاية مذهبه الجديد
فنحن نحتاج ونبحث منذ قرون عن الخروج من المذهبية وليس زيادتها
لانها سبب كل ماحل بالمسلمين والاسلام طوال القرون الماضية من خلافات وصراعات

لكني ما أثارني فعلا
هو قناعة الناس ان المغامسي
( او غيره )
لا يمكن ان يكونوا
مثل ابن حنبل والشافعي ومالك وابو حنيفة !!
وهذه مصيبة عظيمة
مصيبة تقديس المسلمين الاوائل
وجعلهم في مقام الانبياء
مع انهم بشر عاديين
وكلي ثقة انه يوجد في زمننا من يفوقهم ذكاء وعلما
بسبب تطور العقل البشري الكبير في التفكير والتحليل والاستنتاج
لكن يبدوا اننا أمة اعتادت العيش في الماضي
وتكره الخروج منه
بل وصلنا لما هو اسوأ
وهو ان كثير من العلماء تجاوزوا تقديس اوائل المسلمين
ووصلوا الى تقديس طرق حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم
وجعلوها من ثوابت الدين !
وحاولوا تقييد المسلمين باسماء وملابس واساليب كلام وحياة
واساليب تفكير
ومناهج المسلمين الأوائل
ووضعوا الاحاديث على الرسول لتأكيد منهجهم
مثل حديث
( خير الاسماء ما عبّد وحمّد )

والنتيجة
ان ( معظم )
اسماءنا
ومناهجنا الدراسية والبحثية
والكتب التي نؤلفها
وحتى اسماء شوارعنا !!
رهينة الماضي التاريخي
وتدور في فلكه
وما يخالف ذلك يجد الكثير من العنت
ولولا ان رزقنا الله بحكام عقلاء وحكماء
ولديهم بعد نظر
مثل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود رحمه الله
مؤسس المملكة العربية السعودية ومن جاء بعده
من الابناء والاحفاد
لمنعنا حتى
من تعلم لغات العالم
ومن لبس ملابس عصرية
ومن السيارات والطائرات
لنعيش حياة المسلمين الاوائل
لأن طريقة حياتهم تدخل ضمن ثوابت الاسلام !
كما يعتقد هؤلاء العلماء!
والنتيجة
ان المسلمين ومنذ القرن الاول الهجري وحتى اليوم
يعيشون في صراعات فكرية محدودة في نطاق واحد
بين القائلين بضرورة التقيد باساليب حياة المسلمين الاوائل( لأنها من ثوابت الدين )
وبين القائلين بان اساليب الحياة لا تدخل ضمن الدين
وكل تلك القرون والمذاهب والكتب والفتاوى تدور حول هذا حرام وهذا حلال !
وهذا من اكبر اسباب تخلف المسلمين في مجال الفكر والعلوم والصناعات !

وهاهي (معظم ) الاجيال الاسلامية عبر اكثر من اربعة عشر قرنا
تمضي دون ان يكون لها ذكر او أثر ايجابي في صناعة الحياة البشرية وتحسينها
وكل آثارهم التي تركوها
الاف الكتب التي تتكون من مجلدات
وكلها تنقل فكر المسلمين الاوائل وتحميه بكل الطرق

لنبقى حتى نحن مسلمي اليوم نعيش
حياتنا وحاضرنا بفكر ورؤى غيرنا !
ممّن لا يعرفون اي شيء عن واقع حياتنا وطبيعتها واساليبها وتغيراتها وما جد فيها من امور يستحيل على عقول المسلمين الاوائل ( تخيّلها ) او فهمها
فضلا عن اصدار احكام شرعية حولها !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى