مقالات مجد الوطن

الرحيل

 

ما أصعب ذلك اليوم الذي سالت الدماء من قلبي ولم تعد قابلة للتوقف أبدا .

لم تفارقني رؤيتها من الخلف ، تنظر الى الأرض ، ترفع يدها لي ولأختي الطفلة ، تلتفت لتقول انتبه لأختك حتى أعود ،

رأت دموعي فقالت :

لن أتأخر أنا ذاهبة الى مصفف الشعر ،

لكنها تأخرت ، تأخرت خمسة عشر عاماً .

لمَ هجرتنا هكذا لمه ؟

وحدتي قاتلتي،

أبي سكير ، متهور ، يضربنا انتقاماً من أمي بجنون ،

تعود القسوة المفرطة ،

لم أعد أذهب الى المدرسة بل أدور في الشوارع لكي احضر الحلوى والطعام لأختي الطفلة ،

عندما يقوم أبي بضربها كانت تلجأ إلي وكنت أتلقى الصفعات اليومية بدلاً منها ، بل إنه كان يضربني بقدميه وتتدخل ويسيل الدم على وجهها ، ويتضاعف القهر الأليم في داخلي

لكن أين أذهب ؟ أين أذهب أنا وأختي ،

لكنت تمنيت الموت لنفسي لولا وجود أختي الطفلة،

يموت قلبي كل يوم ، أعود أحيا من أجلها ،

عملت عامل نظافة في محطة البنزين القريبة من المنزل كي أكون الى قرب أختي ،

بين فينة وأخرى كنت أطير راكضاً الى المنزل كي أطمئن عليها .

أصبح عمري الآن أربع وعشرين عاماً واختي أصبحت في التاسعة عشرة فتاة جميلة جداً ،

أتقاضى أجراً ثلاثة آلاف وخمساية ريال

أخبرت والدي أنني أتقاضى ألفي ريال فقط لأنه يأخذ ذلك المعاش أولاً بأول .

في المحطة رأيت جريدة على الأرض وعرفت الوجه الذي يتوسط الصفحة إنها هي .

هي أمي ، أو تشبه أمي ،

وقرأت عنها لقد أكملت تعليمها وعملت في احدى الشركات كانت نائب مدير ،

واشتعلت نار قديمة في جوفي من جديد ،

مشاعر ربما أذابتها حياة القسوة والفقر واليتم .

قررت الذهاب إليها ، اسمها في الجريدة كان لقب ربما تصغير لإسمها الحقيقي .

أخبرت اختي فانتحبت قائلة لا تدعني معه خذني

ذهبنا لم نكن نملك الا ثمن تذكرة الذهاب في سيارة الأجرة العتيقة .

وعند وصولنا جلسنا متقاربين بجوار باب الشركة ، مرت بقربنا ولم تنظر إلينا .

وفي اليوم التالي اشتريت بكل ما بقي معي من مال طعام وماء لأختي .

عند خروجها من باب الشركة

قررنا اللحاق بها وركبنا سيارة أجرة وقفت سيارتها الفارهة .

هنا ترجلت أنا وطلبت مها أجرة السيارة فأعطتني واتجهت لباب منزلها

لحقت بها ومنعتها من إغلاق الباب الذي فتحته ،

خافت

قلت لها أمي ألم تعرفيني أنا حسن ، نظرت بتمعن وتحدثت عينيها لقد عرفتني.

صرخت بي اذهب من هنا ، قابلني في المطعم القريب بعد ساعة .

انتظرتها ساعتين ولا اعلم لما كنت واثقاً من حضورها ،

عندما حضرت كانت تحمل بيدها شيكين أحدهما لي والثاني لأختي كل واحد منا له عشرين ألف ريال

قالت هذا مؤقت وهناك مبالغ أكثر الأهم أن ترحل أنت واختك من هنا ، لا أريد أن يعرف والدكما عني شيئاً ، عشت حياتي بعد خلعي ،

تزوجت ولي طفلين ،

عيشا حياتكما وعندما تحتاجاني فقط ابعثا برسالة .

استغربت أنها حتى لم تنظر الى وجه أختي .

وقفت كعادتها وغادرت هكذا ببساطة

أخذت أنا واختي النقود من المصرف .

وفي الساعة الحادية عشرة مساء

عدنا ودخلنا منزلها من الباب الخلفي ،

جلسنا في الطابق الثاني

ياله من منزل كبير جميل

بعد منتصف الليل شعرت بحركتنا في منزلها

ارتقت الدرجات بخوف يتبعها طفلين صغيرين ووالدهما

فوجئت

تحدث الرجل سأخبر الشرطة لكنني أمسكت بالطفلة وحملتها ،

خافت أمي قالت لا تؤذها .

قبلت الطفلة وحييت الرجل المنذهول .

طلبت عشاء للجميع مردفاً سنتفاهم على العشاء .

وضعنا الطعام على الطاولة ،

قالت أمي وهي تبتسم :

وعدت الذي اوصل الطعام ببعض المال سوف اعطيه لازال واقفاً .

وضعت هاتفها النقال على الطاولة أمامنا وفتحت باب المنزل ….تأخرت

رجف قلبي

فتحت الباب خلفها ولكن الظلام قد كان قد ابتلعها .

 

Dr : ظافرة القحطاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى