” هذا المُلك الذي جمعَ به شمل العرب بعد التفرقة، وأعزهم بعد الذِلة ، وكثرهم بعد القلة ، فإني كذلك لا أدخرُ قطرة من دمي في سبيل الذود عن حوضه ، وقد عودني الله سبحانه وتعالى من كرمه وفضله أن ينصرني على كل من أرادَ هذا المُلك بسوء أو دبر له كيدا ؛ لأني جعلتُ سنتي ومبدأي أن لا أبدأ أحدا بالعدوان ، بل أصبر عليه وأطيل الصبر على من بدأني بالعداء ، وأدفعُ بالحسنى ما وجدتُ لها مكانا , وأتمادى بالصبر حتى يرميني البعيد والقريب بالجُبن والضَعف ، حتى إذا لم يبق للصبر مكان ضربتُ ضربتي فكانت القاضية “
.. المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود..
.
.
كانَ طفلاً حينما غادرَ مع والده الأمام عبد الرحمن من الرياض , كانَ صغيراً بعقليةِ رجُلٍ جَسور , لم يشغل ذهنه آنذاك لُعبةُ يقتنيها , فقد كانَ يفوقُ اقرانه علماً ونباهه , بل رحلَ بفكرةٍ واحده , كيف يُعيد ارض اجداده من وطأة العدو.
كَبُرَ الطفل , و كَبُرَ حُلم الاستعادة ,ولازالت ذُرى نجد جُلَ أمنياته , تلمعُ في عينيه راياتُ النصر مع كل إشراقة , و لا يسمعُ إلا صهيل المجد السابح في دمه .
عبد العزيز الذي رُبيَ على البسالة , وتشربت سيرته بالبطولات , عادَ كإفعام المطر بعد قيضٍ و هجير , عادَ لأسوار الرياض مقداماً وقد كَبُرت خطواته منذُ أن تركها , و امطرَ بِقدومه اديم الصحراء , ودانت لهيبته كلُ القبائل المتناحرة , فبايعته الأرض سهلاً وقمماً , حضراً و بادية.
وفي 23 من سبتمبر تركَ لنا ملحمة تاريخية تُروىَ للأبد , وحدَ فيها البلاد والعباد , وبُذرت الحياةُ والأمن والرخاء , كما يُبذرُ قمحٌ سيؤتى حصاده لا محاله .
و الآن نقفُ جميعاً على أرض الأمن و السلام , نحتفي بيومنا الوطني التاسع والثمانون , بعهد الملك سلمان بن عبد العزيز , الذي حملَ لِواء المجد وصنعَ لنا و لأجيالنا القادمة مسيرة رفعةٍ ونَماء .
وحينما يُذكر المستقبل فَإنا حتماً نراهُ واعداً رغم التحديات , إلا أنه يحملُ الكثيرَ من الانجازات المبهرة برؤيةٍ فذة لولي العهد وصانع الغد محمد بن سلمان , ليثبتَ للعالم أجمع أنه خيرُ خلفٍ لخيرِ سلف .
حبُ الوطن , لا يعني أن ارتدي الاخضرَ لأثبت انتمائي له , ولا يكفي أن أردد الشعارات واتغنى بالقصائد الوطنية , بل أن أذود عن حياضه , و امحو فتنة الطائفية والعنصرية تجاه اعداءه , فأمامه تَذوبُ الفوارق و لا يبقى إلا الانتماء.
أُحِبه فتظهرُ مآثره قولاً وعملاً , وأن يُعاد هذا اليوم وقد حصدتُ انجازاً يُضاف إليه , ويعلوَ بهِ نحوَ هامات السحاب .
يُعاد ونُرددُ كل عام ٍنشيد الولاء بصوتٍ واحد , وروحاً واحده , ليعلوَ موطني بالأفاق فخراً .
.
.
ولكلِ مُتربصٍ قابع في ظلام أوهامه :
قد لا تُجيد قِراءة التاريخ جيداً , أو قد لا تعلم شيئاً عن شعار وطني ولن تُخبركَ مناهجكَ المحرضة عن لمعة سيفان وشموخ نَخلة , لذلك إذا لم يُقنعكَ كرم الضيافة وامتدت يداكَ خيانة لِما ليسَ لك , فَقنع بِسيفا حزمِ وعزم .
ــــــــــــــــــ
أشواق السعيد