من هو النبي أو الرجل الصالح الذي ابنه أكبر منه؟؟!
عزير رجل صالح من بني إسرائيل ، لم يثبت أنه نبي ، وإن كان المشهور أنه من أنبياء بني إسرائيل، كان رجلا صالحا موفقا وله في التاريخ حكاية سجلها القرآن بطريقة جميلة رائعة توضح المغزى والهدف المنشود.
قال الله تعالى 🙁 أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة/ 259 .
قيل أن الذي مر على القرية هو عزير وقيل نبي اسمه ارمياء وقيل الخضر، لكن أغلب الروايات اتفقت على أنه عزير .
وكان بختنصر ملك كبير الشأن في ذلك الوقت فقد هاجم بني إسرائيل وخرّب بيت المقدس وهجّر أهلها، فجاء عزير ومرّ على هذه القرية – وهي بيت المقدس ، بعد أن خربها بختنصر وقتل أهلها – وهي خاوية ليس فيها أحد ، ويقال أن البيوت تهدمت فسقطت السقوف ثم الجدران فوقها ومات من مات وهجر من هجر من البشر، فوقف متفكرا فيما آل أمرها إليه بعد العمارة العظيمة ، وقال: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) قالها تعجبا وليس شكا في قدرة الله، فأماته الله بعد قوله هذا في الحال، فقد أراد الله بمشيئته أن يجعل من قصته عبرة وآية عظيمة.
كان مع العزير طعام وشراب قيل التين والعنب ، وكان معه حماره فأمات الله الحمار أيضا.
واستمرا ميتيّن مائة عام، مائة عام تذهب خلاله أجيال وتأتي أخرى، وعمى أعين الناس عنهم بل ومنع الدواب والسباع أن تقترب منهم، ثم أحياه الله مرة أخرى ويقال أنه أول ما أحيا فيه رأسه وعيناه وصار ينظر لباقي جسده الميت وعظامه وهذا من كمال عظمة الله وقيل أنه شاهد الحمار الميت وقد تحول لكومة عظم وبعض العظام قد حملتها الدواب بعيدا فبقدرة الله تعالى جُمعت العظام وأنشزت أي رُفعت كل عظمة في موضعها وتكونت مرة آخرى بجسد حمار فرآها عزير هيكلا عظميا ثم أمر الله فكُسيت لحما بقدرته واكتملت عروقا وأعضاء وجسدا ثم جاء ملَك فنفخ فيه فعادت إليه الروح مرة أخرى .
وسخر الله من يسأل عزيرا : كم لبثت؟؟ أي كم قضيت نائما؟ وكان عزير نام أول النهار وأحياه الله في آخر النهار والشمس لا زالت باقية مشرقة فظن أنه نفس اليوم فرد عليهم: ربما يوم أو بعض يوم !
فكانت المفاجأة المذهلة، بل نمتَ مائة عام كاملة ، معجزة ربانية عظيمة إجابة لسؤال عزير عن البعث بعد الموت، فها أنت يا عزير متّ مائة عام ثم أعدناك سليما معافى وأنت تعتقدها نومة ساعات وحسب.
ونظر فرأى كمال الإعجاز في أن الطعام بحالة جيدة والشراب لم يتعفن أو يتغير حاله فكان معه عنب وتين وعصير لم يفسد وكأنه نتاج الساعة، ليكون كل هذا آية وعبرة لكل الناس ولبيان قدرة الله في البعث.
وسار عزير إلى أهله وقريته وتوجه لبيته وقد تركه وعمره خمسون وعاد للحياة في نفس عمره وبالطبع فبعد مائة عام عاد ليجد أولاده أكبر منه بأكثر من ضعف العمر وأحفاده كذلك أكبر بعشرات الأعوام.
ولهذا كان هو الرجل الذي ابنه أكبر منه!
وروي عن ابن عباس قال : لما أحيا الله عزيرا ركب حماره فأتى محلته فأنكر الناس وأنكروه ، فوجد في منزله عجوزا عمياء كانت أمة لهم ، خرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة ، فقال لها : أهذا منزل عزير ؟ فقالت نعم! ثم بكت وقالت : فارقنا عزير منذ كذا وكذا سنة قال : فأنا عزير ، قالت : إن عزيرا فقدناه منذ مائة سنة . قال : فالله أماتني مائة سنة ثم بعثني . قالت : فعزير كان مستجاب الدعوة للمريض وصاحب البلاء فيفيق ، فادع الله يرد علي بصري ، فدعا الله ومسح على عينيها بيده فصحت مكانها كأنها أنشطت من عقال . قالت : أشهد أنك عزير ثم انطلقت إلى ملإ بني إسرائيل وفيهم ابن لعزير شيخ ابن مائة وثمان وعشرين سنة ، وبنو بنيه شيوخ ، فقالت : يا قوم ، هذا والله عزير فأقبل إليه ابنه مع الناس فقال ابنه : كانت لأبي شامة سوداء مثل الهلال بين كتفيه ، فنظرها فإذا هو بالفعل عزير .
يا لها من قصة وآية، مات الرجل وبّعث وقد هلك كل جيله وتغيرت الدنيا وتبدل الحال وعادت للقرى الحياة، جاءت إجابة سؤاله المتعجب: ” أنى يحيي هذه الله بعد موتها ؟ ” بمعجزة عظيمة ليت كل مشكك أن يدرك القدرة اللامحدودة للخالق البديع فليس أهون على من خلق من العدم أن يعيد للجسد والقرية والخلائق كافة حياتها ونشاطها.
لهذا كانت النتيجة الحتمية النهائية: “أعلم أن الله على كل شيء قدير “.
ما أجمل القصص في كتاب الله وما أعظم قدرته تعالى.
أ.د.فاطمة عاشور
سيدة الوهج والحرف