ليلى حكمي
ومرَّتْ بي ليلة البارحة نسمة هواء لم أشعر بخف طيفها حتى من قبل أن تعتلي ذاك السياج وتلامس شيئًا من أفئدة الدور المختنقة وتنقل كتلة هوائها الزاحف لتستخف وتحرك وقار كسراتِ فستاني وتستقبلني بحفاوة بالقربِ من الباب المنزعج ،إلا أنها تلتفتُ إليَّ وتردد أهازيج لا تقرأ ولاتكتب وتفتحُ أزرار صدرها وتحوم ونظرتها إلى خيال الظل وتتأمل صورتها المطلة من حائط الدار وتستدير لتقف أمام الشبابيك المشرعة ، ممسكة بتوتر قضبان النوافذ مفتقدة إلى قطرات الشعور والآمان وفي آخر وناتها زفرات وارتباك الأقفال وقد ارتكبت فعلة حمقاء ، نقراته بظهر الباب كان مستفزاً للغاية ، إلا أنه قد أمسك بكمه عندما دخل مسرعاً وشق طرفه وطاح الكبك الأبيض ووقع أسفل القضبان وصرخ بالضرب على صدره وماكان في لمعة عينيه غير هوى التباهي بالثوب المنسدل الذي يلوح من خلفه خيلاء ويتمخطر بالحدائق ويتلاعب بأغصان الأفئدة المنطفئة ليهفهف على خصلات الفاتنة ، لقد فضحه الشوق ، مما جعل كم ثوبه ينشقُ ولايبالي كم من صوت له ولايرى غير سكرات الهواء، يميل مع كسرات الحرير ويحرك الفستان الرهيف عن تلك الساقين النحيلتين الباردتين، لقد مرني من تيار نفسه وشرد من أعلى سياج الهوى وماكان من كل قلبٍ وذاكرة قد عاش ومن ثم مرت عليه السنين إلا وقد أدرك رائحة النسيم وتنبأ بوقت مجيئه وضرب الرياح تتلاعب بسياج الذاكرة القديمة ليعبث بمأمن تناهيد الصدور .