مقالات مجد الوطن

الملحاء ياعبق التاريخ ويا أم القرى

 

بقلم الأستاذ: خلوي خلوي موكلي

الملحا كما ينطقها أبناء القرى المتناثرة من حولها
الملحاء أو الملحا تلك القرية الحالمة التي لم يبق منها إﻻ معالم بسيطة ﻻتعكس حقيقة تاريخها العظيم
الملحاء
تلك القرية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ و التي لم يصمد من معالمها سوى جامعها المسمى بجامع السيد حيدر
الملحاء تلك القرية المهجورة قسرا والمحفورة في قلب كل واحد من أبناءها
الملحاء
التي هجرها أهلها ليس عقوقا لها
وإنما غادروها مجبرين خوفا من وادي بيش
أوسعيا وراء لقمة العيش في مكان آخر أكثر أمانا
الملحاء التي تعلمت فيها اﻷلف باء
الملحاء التي تعلمت فيها أبجد هوزحطي كلمن سعفص قرشت
الملحاء التي درست بها لعام واحد عام 1391 تصوروا عام واحد كان لي فيه من الذكريات الكثير والتي يعجز اﻷديب اﻷريب تجسيدها كيف ﻻ وهناك قد بذرت بذرة شجرة الذكريات كنت في بعض اﻷحيان
أقفز من على الزرب(سور)الذي كان يحيط بمدرستها ﻷذهب إلى دكان هادي محرق الملقب بالأصمﻷشتري بسكويت أبو ميزان الذي كنت أعشقه وفي طريقي إلى الدكان كنت أتلفت يمينا ويسارا خوفا من أن ترمقني عيون اﻷستاذمصبح رحمه الله وكنت أتسأءل ماهذه القرية العجيبة حيث كانت منازل أهلها متقاربة لدرجة أنك تظنها منزﻻ واحدا ولكنني يومها كنت طفلا عمره ست سنوات فلم أستطع أن أجد تفسيرا لهذا التساؤل
الملحاء التي عدت إليها بعد خمسة أعوام ﻹكمال دراستي بالمرحلتين المتوسطة والثانوية في مبنى شعبي مستأجر بناه شيخ القرية علي عواجي النعمي على بعد أمتار من مدرستي التي درست فيها سنتي اﻷولى هذا المبنى الذي أزيل اليوم شهد أكبر تجمع ﻷبناء القرى المتناثرة حول الملحاء اﻷم هذا التجمع كان يضم أبناء أبوالسلع أبو القعايد الشاخرأم الشباقا اللخبصية الجارة حلة علي بن موسى أم القضب المحلة العادة أم سعد المحلة غوان قايم الدش العشة مشلحة العالية الدهناء وحق لي يومها أن أطلق عليها قبلة العلم في إحدى فقرات اﻹذاعة المدرسية هذا التجمع كان نواة لجامعة عظيمة فمنها انطلق كل هؤﻻء إلى جامعات المملكة ليكملوا دراستهم الجامعية
الملحاء
لما عدت إليها بعد خمسة أعوام وجدتها وأمام هذا التجمع المهيب كنت أحس عندما أقف أمام هذا الجمع ﻷقدم اﻹذاعة المدرسية وكأنني في جامعة ﻻ في مدرسة متوسطة وثانوية فلقد كان المنظر مهيبا لدرجة العظمة فهذالتجمع كان بداية لنهضة علمية حفيقية للقرى التي جاء منها كل أفراد هذا التجمع
الملحاء التي لطالما وقفت على خشبة مسرحها البسيط البناء العظيم اﻹبداع بما يقدمه أبناء مدرستها من مسرحيات وأناشيد كنت أحد أبطالها ولن أقول أنني كنت بطل ذلك المسرح طيلة أعوامي الدراسية ﻷن كل زملائي يشهدون لي بذلك فلقد كنت ممثلا بارعا وقائدا لفرقة اﻷناشيد بالمدرسة ومذيعا متميزا ومقلدا للأصوات باحتراف ولطالما خرجت عن نصوص المسرحيات التي كانت تقدم على ذلك المسرح الذي لطالما صدحت به موسيقى اﻷطلس فلقدكنا.نستخدمها كفواصل بين الفقرات
الملحاء التي لطالما حاولت أن أرسم لها خريطة من خلال ماسمعته وشاهدته من آﻻف الحكايات عنها لكني لم أستطع
الملحاء
التي حاولت أن أمزج بين التاريخ والجغرافيا ﻷرسم لها خريطة من خلال تاريخها أو أقرأ تاريخها من خلال خارطتها ﻷن اﻹنسان يستطيع أن يرسم خارطة المكان من خلال تاريخه ويستطيع أن يقرأ تاريخ المكان من خلال تمعنه في خريطة ذلك المكان ولكن عبثا فلقد باءت كل محاوﻻتي بالفشل وماذاك إﻻ لعظمة المكان
الملحاء
كم أنت عظيمة
الملحاء
أنا لم أسكنك يوما لكنني أسكنتك قلبي فأنا مدين لك بأشياء كثيرة وعظيمة بعظمك
الملحاء
أنت وشم على صدور كل اﻷباء واﻷبناء
الملحاء
جذورشجرة ذكرياتي فيك وفروعها هنا في أبي السلع
الملحاء
ماذا أقول وماذا يكتب القلم فلقد أعجزتني
الملحاء
دعيني وقول الشعرإن نطق النثر
ألملحاء المليحة
أعذريني
فما أنا جرير ولست الفرزدق وﻻ المتنبي وإﻻ لوكنت أحدهم لكتبت لك وفيك أجمل القصائد
الملحاء المليحة
أعذريني فلست الزمخشري وﻻ أنا ابن المقفع وﻻ أنا زرياب وﻻ أنا الموصلي
وإﻻ لكتبت أبلغ الكلمات وأروع المقامات ولغنيت أجمل اﻷغنيات التي كانت تغنى على ضفاف دجلة والفرات
الملحاء المليحة
أعذريني فلقد جئتك ببضاعة مزجاة فإن تقبلي فذاك غاية المنى
الملحاء المليحة
أعذريني فأنى لحاطب ليل مثلي أن يكتب في عظيمة مثلك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى