مقالات مجد الوطن

جزء من روايتي: شرارة وبناتها حرائق!! 

 

الروح/ صفية باسودان – جازان

 

أحيانًا يتعين على (قناعة) تنظيف الصالون وترتيبه لاستقبال الزائرين والذي كان بعضهم مثل مراجعين مكاتب تقديم الطلبات وتخليص المعاملات القديمة. عدته جيدًا لهذا المسجل الجديد.

نظفته، ومسحت الغبار عن المروحة واللوحات والأثاث، ولمعت الزجاج النوافذ ومكتبة المزهريات والتحف ليكون كل شيء جاهزًا لرفع الطلب.

كانت الأمنية تقع أمام عيني (المنصدم)، التقى قلبه بها، فبدأ الطريق له مفروشًا بالسجادة الحمراء، متسعًا مستقيمًا مسلطًا بالأضواء تكثف في وجهه وجسده كالنجم وتخف حيث يطل المعازيم عليه، وحوله تعلو زغاريد الفرح ورود تتناثر كان يراها تحلق كالفراشات الملونة لم يكن في هذا الحفل جائزة تسلم لأفضل ممثل أو أفضل مخرج أو أفضل بطل تجيز للحضور ضرب الدفوف الكفوفية وعزف نايات التصفير الفموية إلا أن المنظر ألفته نفسه فغنى: “ليلة الفرح تذكر ما يخالطها كدر.. نلت فيها الحظ الأوفر ما غدا حظي تعيس.. طاب ليلك يا عريس”

اتجهت زوجته صوب باب غرفة نومهما فتحته ودخلت برأسها المربوط بمنديله الأخضر المنكمش المتراجع وقد تشعثت خصلات من شعرها، رأها تتقدم، امتد بصره الزائغ، التفت حوله وانفاس البهارات تلفحه، دب إلى أذنيه همسها المطبوخ، ما من مغيث له إلا أن هرع إلى هاجس ذكره بعرسه، فصك على طرف شناعة لفظه قبل أن تؤلمها بأقاويل جارحة “رائحتكِ بصل.. اذهبي واغتسلي” وجمد ثقالة دمه قبل أن تسيح ساخنة وتمسها بسوء: “وه.. أمنا الغولة.. أنا في حلم أم في علم”. نهض وأطربها بصوته المعروف وإن أغلق عينيه فقد لاح عليه ما ظن إنه مستترًا مخفيًا: “يوم اقبلت.. طرنا لها لها أنا وشوقي والنسيم.. وعيونها.. عين المحتني وشهقت وعين حضنت عيني وبكت.. ويا فرحتي.. الحظ الليلة كريم..”

أن الأمر كما توقعته (قناعة) تمامًا إلا…..

كان (المنصدم) عاقد العزم على خطبة (قناعة) مهما كلفه الأمر، وفي المغربية صمم على تنفيذ عزمه دون تردد، وعلى موعد الخطبة حضر، أعتلى ما أعتلى عليه كمنبر في خياله والقى خطبته البتراء الشوهاء، أفصح برغبته في الزواج دون أن يكابد ضميره الشعور بالذنب إزاء (قناعة).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى