مقالات مجد الوطن

محشوش

 

محمد الرياني

في يوم العيد ، الساعة تشير إلى تمام الساعة السابعة صباحا ، تبادلنا أنا وهي التهاني ، أشرق وجهي ووجهها كنقاء العيد وبهائه ، قلت لها وهي في قمة الفرح : عليك تقطيع اللحم وعليَّ تقطيع الشحم ،قالت أنت أنانيٌّ تحب نفسك ،تحب تقطيع الشيء الأسهل وتجبرني على اللحم والعظم ، كان بجواري وجوارها كأسان من الشاي ليمضي الوقت ونحن منهمكان في صنع المحشوش ، قلت لها أمزح عليك ،الشحم لك واللحم عندي ، أنجزنا المهمة في وقت قصير ؛ فنحن اثنان والكمية تناسبنا ، وضعتِ القدر على النار ، وألقتْ بالشحم لتبدأ رحلة أكلتنا الأسطورية المفضلة ، مضى الوقت ، حتى استوى الشحمُ سائلًا ، وضعتُ بنفسي اللحم المقطع صغارًا ، بدأنا نحركه ،أنا تارة وهي تارة أخرى ، وتارة نمسك بالعصا ويدي فوق يدها لأعضدها وهي تضحك من هول الموقف ، استوى المحشوش وتحركتْ معدتي مع معدتها وكأنهما في جسد واحد ، قالت : ما أشهى المحشوش ! تناولتْ ملعقة قليلة وملأتْها وأطعمتْني ، سألتْني ما رأيك ؟نسيتْ أنني شاركتُها صنع الطعام ، قلت لها : لقد نسينا البهارات ، مدَّتْ يدها إلى الصندوق المعلَّق فوق رأسينا ،تناولتْ علبة التوابل والبهارات ، نثرتْها على المحشوش ،حركناه بيدينا ويدي فوق يدها لتسرع أكثر في التحريك ،أطعمتْني بقطعة تناولتها ،نسيتْ أن القدر على النار ، قلتُ لها : هل تشعرين بألم ؟ نفختُ على كفها وأصابعها ، تناولتُ الملعقة حتى لا تحترق يدي ،أطعمتُها ،قالت : احمل معي القدر لنضعها في مكان آمن ، عدنا إلى مكان جلوسنا ، رأيتُ الدمع في عينيها ،قالت لي : مثل هذا اليوم لم يكن مع رفيقٌ يضع يده فوق يدي لنحرك الطعام ، نهضتْ وأحضرتْ طبقًا وخبزًا أحمر صنعتْه بيدها ، جلسنا وكل واحد يطعم الآخر ونحن نحتفل بمرور عام على زواجنا و بالعيد الكبير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى