مقالات مجد الوطن

صرخة… فرحة وطن

 

 

محمد الرياني

 

وَقعُ أقدامهِ على الدرجِ لفتَ انتباهَها وسطَ الضجيجِ في الطابقِ الثاني، يمشي بتثاقلٍ وهو يحملُ بيده اليمنى كيسًا شفَّافًا تعمَّدَ أن يكونَ شفَّافًا لترى ما بداخله، قالتْ وسطَ الضجيجِ إني أسمعُ صوتَ بابا على الدرج ، قالوا لها هذا ليس وقتَ مجيئه، هو يأتي في الليلِ عادة ، ونحنُ الآنَ وقت الأصيلِ والشمسُ تميلُ جهةَ الغروب، لم تستمعْ إليهم وأقسمتْ أنَّ هذا صوتُ خطواتِ بابا على الدرج، انطلقتْ تجري وهو خائفٌ عليها من أن تتعثَّرَ قدماها الصغيرتان وهي تستقبله ، صوتُ حشرجةٍ عجيبةٍ من الإرهاقِ منعتْه من تحذيرِها من التعثَّرِ وهي تجري باتجاهه، التقيا في المنتصفِ وهي تقول :قلتُ لهم بابا فلم يصدقوني، طرَحَ الكيسَ الشَّفَّافَ الأخضرَ وبه ملابسُ وقبعاتٌ وأعلامٌ بلونِ الوطن، تعلقتْ بيدِه تقبِّلُه وتشكرُه ثم أخذتِ الكيسَ وسبقتْه إلى أعلى وهي في حالةِ فرحٍ وهيام، ظلَّتْ تدورُ في الصالةِ والعلَمُ بيدها يرفرفُ مع حركةِ مروحةِ السقفِ وهي ترددُ النشيدَ الوطنيَّ الذي تعلمتْه في رياضِ الأطفالِ ، أخرجتْ كلَّ مافي الكيسِ ثمَّ وضعتْ على رأسِها القبعةَ الخضراءَ وهي تقول: اليومُ الوطني… اليومُ الوطني، ثم تسألُ مَن حولها عن الاخضرارِ الذي ينتشرُ في كلِّ مكان ، بقيَ في الكيسِ ملابسُ بيضٌ وخضر، جرَّبتْ بها كلَّها وهي في قمةِ الفرح، أصرَّتْ أن تلبسَها كي يراها البقيةُ مثلها ليحتفلوا بها ومعها باليوم الوطني، قالتْ لهم عن بعد : سارعي للمجد للعلياء…. ردَّدوا معها النشيدَ الوطني، أكملتْه إلى آخرِه ، شبعتْ من اللعبِ والنشيدِ والاحتفال، أعادتِ الملابسَ إلى الكيسِ لتلبسَها من جديد ، قرأتِ الرقمَ المكتوبَ على الملابس (٩١) على طريقتِها، سألتْ عن معناه ، قال لها أبوها :هذا عُمرُ الوطن، هذا احتفالٌ بتاريخِ ميلاده ، سألتْه عن الشمعِ لتحتفلَ أكثر ، قال لها : شموعُ الوطنِ ترتفعُ إلى حدودِ السحابِ ولن يستطيعَ فمي وفمُك الصغيرُ إطفاءَها، ستظلُّ تضيءُ بشعلتِها ليراها الجميع، العامُ القادمُ ستكبرينَ إن شاءَ اللهُ وسنرى شعلةً جديدةً أخرى تضيء الفضاء ، وضعتْ ملابسَها تحتَ رأسِها وعلى عينيْها مراسمُ الفرح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى