أ / أبو مصعب محمد الحربي
فاحتْ من بيت جيراننا روائح الخطور والكادي، والبعيثران، والوالة وقد اختلطت بروائح الحلوى، والمشبك ، ومقاضي الهدرة. كان عمري حينها لايتجاوز العاشرة ، فانطلقت عبر المُدرج المؤدي لبيت جيراننا لاستطلع الأمر فإذا عدد من البقش الكبيرة و مبالغ مالية منشّرة في وسط العشة قد عُلقت بواسطة خيوط دقيقة وتحت القُعد مقاضي متنوعة من قشر وبن وحطم وشب وحناء، وملابس متنوعة مصار ومقالم ومصانف ،وألحفه و طاقات كاملة من القماش والنساء لابسات أجمل الثياب يجمّلُ الحسن الأحمر مفارق رؤسهن وتنبعث رائحة الطيب والعفص والضفر من جدايلهن ، وقد برز جمال الشيذر على أيديهن وأقدامهن كانت الحياة الاجتماعية بين أبناء القرية بسيطة جداً.. التواصل بينهم مستمر بالليل والنهار وبجميع الحواس وذلك لعدم وجود حواجز نفسية أو معوقات حسية، كان المُدرج والفجرة من أفضل الوسائل التي ساعدت في هذا التواصل والترابط الاجتماعي وكان من أهم الاحتياجات اليومية المتبادلة بين الجيران والأقارب التي تمرر من خلال الفجرة والمُدرج الشتاية والبصلة والملح وبعض التوابل البسيطة بالإضافة للمواساة اليوميه التى تعوّد عليها مجتمع القرية البسيط ، لم أكن أدرك من تلك الروائح إلا مدلول واحد وهو إحضارها للأعراس والهود (الختان) فقط ثم إذا انتهت المناسبة تجمع بقايا تلك الروائح وتوضع بين الملابس في صحّارة من الخشب.. /