بقلم – نورة الدباغ
في ظل التطور التكنولوجي السريع، أصبحت الأوقاف الذكية تمثل نقلة نوعية في مجال العمل الخيري، حيث تساهم في تعزيز الشفافية وزيادة كفاءة إدارة الموارد. في المملكة العربية السعودية، التي تسعى لتحقيق الريادة في مختلف المجالات، تأتي الأوقاف الذكية كأداة حيوية تدعم رؤية المملكة 2030 في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة.
الأوقاف الذكية تعتمد على استخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة وتشغيل الأوقاف بطرق مبتكرة وفعالة. هذا النهج يشمل تطبيق تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي ، البيانات الضخمة، وتقنية البلوكشين، بالإضافة إلى الأنظمة الرقمية المتقدمة التي تساهم في تحسين الأداء وتوفير الوقت والجهد ..
تقنية البلوكشين توفر سجلات شفافة وغير قابلة للتلاعب تسجل جميع المعاملات المالية والإدارية، مما يعزز الثقة في إدارة الأوقاف ويمنع أي محاولات للفساد أو التلاعب. والذكاء الاصطناعي يلعب دورًا محوريًا في تحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالأوقاف، حيث يمكن استخدامه لتقديم توصيات دقيقة حول كيفية تحسين استثمارات الأوقاف وزيادة عوائدها. من خلال تحليل البيانات التاريخية والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة إدارات الأوقاف في اتخاذ قرارات مستنيرة تضمن استدامة الموارد وتحقيق أعلى عائدات ممكنة.
البيانات الضخمة تقدم رؤى عميقة حول سلوك المتبرعين واحتياجات المستفيدين. عبر تحليل كميات هائلة من البيانات، يمكن للجمعيات الوقفية تحديد الأنماط والتوجهات التي تساعدها على توجيه الموارد بشكل أكثر فعالية وكفاءة. هذا النوع من التحليل يمكن أن يساهم في تصميم برامج ومشاريع تتناسب مع احتياجات المجتمع بشكل أفضل، مما يعزز من تأثير الأوقاف ويساهم في تحقيق أهدافها الخيرية.
تطبيق الأوقاف الذكية لا يقتصر فقط على تحسين الإدارة الداخلية، بل يمتد ليشمل تعزيز التواصل مع المتبرعين والمستفيدين. من خلال منصات إلكترونية تفاعلية، يمكن للمتبرعين متابعة تأثير تبرعاتهم ومعرفة كيفية استخدام الأموال في تحقيق الأهداف المنشودة. هذا النوع من الشفافية يعزز من ثقة المتبرعين ويشجعهم على الاستمرار في دعم الأوقاف والمشاريع الخيرية.
حيث يأتي تبني الأوقاف الذكية كجزء من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز التنمية المستدامة. استخدام التكنولوجيا في إدارة الأوقاف يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحقيق هذه الرؤية من خلال زيادة كفاءة الأوقاف وتحقيق أعلى استفادة ممكنة من الموارد المتاحة. الأوقاف الذكية تساهم أيضًا في تعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو خاصة، مما يخلق بيئة تعاونية تساهم في تحقيق الأهداف المشتركة.
على سبيل المثال، يمكن للأوقاف الذكية دعم مشاريع التعليم والصحة من خلال تمويل الأبحاث العلمية وتوفير المنح الدراسية وبناء المرافق الصحية والتعليمية. هذه المشاريع تساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية البشرية، مما يعكس تأثير الأوقاف الذكية في تحقيق التنمية المستدامة على مستوى المملكة. كما يمكن للأوقاف الذكية أن تلعب دورًا مهمًا في دعم الابتكار وريادة الأعمال من خلال تمويل المشاريع الناشئة وتقديم الدعم اللوجستي والتقني للشباب ورواد الأعمال.
أخيرا ، تمثل الأوقاف الذكية مستقبل العمل الخيري في المملكة العربية السعودية، حيث تساهم التكنولوجيا في إعادة تعريف كيفية إدارة وتشغيل الأوقاف بطرق مبتكرة وفعالة. من خلال تبني تقنيات مثل البلوكشين، الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، يمكن تحقيق مستويات غير مسبوقة من الشفافية والمساءلة والكفاءة. الأوقاف الذكية ليست فقط وسيلة لتحسين إدارة الموارد، بل هي أيضًا أداة قوية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز جودة الحياة، مما يساهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 ويضع المملكة في طليعة الدول الرائدة في مجال العمل الخيري والتنموي.
بقلم – نورة الدباغ – المسؤول التنفيذي بجمعية التنمية الأهلية بوادي جازان