بقلم أ. محمد قاسم عواجي النعمي
في كل عام تجد بعض الناس يُراجعون أنفسهم ويستفيدون من تجاربهم وتجارب الأخرين لتكون حياتهم على طاعة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعيشون في هدوء وطمأنينة وراحة بال حيث تجد الواحد منهم مفوّضاً أمره لله ومتوكلاً عليه وراضيًا بما قسمه الله له، كما تجدهُ في عالم اليوم الذي يشهد أحداثاً كثيرة، مُحباً لوطنهِ ومعتزاً ومطيعاً لقيادته ومصطفّاً مع شعبه خلف قيادته، لا يسمع أو يلتفت لحاسدٍ أو حاقدٍ على وطنه وقيادته، كما تجده في عالم اليوم الذي يشهد ثورة معلومات غير مسبوقة ومواقع تواصل تعجّ بالغث والسمين على مدار الساعة تجده كيسُ فطن يتعامل مع هذا الواقع بعقلٍ واعٍ فلا يأخذ منه إلا المفيد لدينه ودنياه ولا يتورط في جدالات عقيمة ومواضيع سقيمة ولا يعطي الأمور التي لا تستحق اكثر ما تستحق، كما تجده متأقلماً مع من حوله فهو يُدرك أن البشر ليسوا كلهم كما يُريد ففيهم الطباع المختلفة من الأخلاق والسلوك، كما تجده لا يهدر جهده ووقته في البحث عن كماليات الحياة فهو يُدرك أن استمرار البحث عن ذلك قد تجعله ينتظر طويلاً وقد يكلفه كثيرًا كما تجده يعمل على مجاهدة نفسه وإصلاحها ومحاسبتها ويُدرك أنّ دوام الحال من المحال وأن الصبر مع الألم عاقبته الى خير كما تجده لا يتتبّع أخبار الآخرين ولا يقارن حاله بحالهم ولا يبخس من إنجازاتهم ولا يغتابهم او يغتاب تقصيرهم ٠
وأخيراً إن مثل هولاء الناس لم ينتظروا حتى تصل اعمارهم الى زمن مُعيّن لعيشوا حياةً جميلة فقد علموا أنّ دروس الحياة تؤخذ بالمجّان والعقلاء هم من يلتقطون الحكمة ويتعلمون من التجارب ٠
قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَٰلِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) .
محمد قاسم عواجي النعمي
الأول من محرم ١٤٤٦ هـ
