ا/ ليلى حكمي
◦ حسبت حسابًا لكل شيء ،مع أن هذه الحياة الغيبية لاتعطي الإنسان كل شيء ، منذُ حرص الأبوان على تعليمنا ودائما مانجدهم حولنا ومعنا يعلموننا الصواب والخطأ والشيء المفيد ، ويكشفون لنا وجوه الأشخاص الذين يجب
أن نبتعد عنهم ، ومتى نطفئ الشمعة ، وبداية البكاء والضحكات ؛؛
ونقطة نهاية الكف عن الدموع ، والابتسام فقط ، ومتى نجوع ولانأكل ، وكيف نملأ الكوب بالماء البارد عندما نشعر بالعطش ، والوقت المناسب لنضع غطاء الشعر
ومتى ننصت لنداء السرير ، وشد اللحاف وإدارة ظهورنا عن تيار الهواء البارد ، وأن الشروق يأتي في كل صباح وعلينا أن نقف صامدين أمام الغروب ، وأن ظلام الليل مخيف لكنه لايبطش بنا ولايسرقُ شيئًا منا وأن النور والضوء له أكثر
من مصدر أجمله وأقواه هو مايشعُ من داخلك ، وأن الأمور
الغيبية ، تزعج تفكيرنا ، ولكن علينا أن نفتح يوميًّا صندوق الأمل ولانيأس ولا نبتئس ، وأن الحطب وعيدان الثقاب اذا اجتمعت تلد نيرانًا ولهبًا ودخانا ، وأن يذكر معروف الأشجار ، وأن لايتنكر الفأس لمن جعله قويًّا وقاطعا ، لقد حسبنا حسابًا لكل الأمنيات بالمستقبل ، ركزنا كثيرًا على أنفسنا وتباهينا بتفكيرنا وتعليمنا ومؤهل التعليم ، وكبرنا واعتمدنا على أنفسنا ، وواجهتنا الحياة ندًّا بندٍّ وعرفنا متى نصمتُ ومتى نستطيعُ أن نرد ، وعلمتنا الحياة أكثر الدروس . بينما انا أعيد ترتيب الكتبُ ،عثرتُ على
……..ورقة قديمة !
منذ زمن بعيد بين سرعة الزمن وبين أصوات البكاء والضحكات ، وبين كثافة العابرين والمسافات البعيدة والقريبة الساكنة في أنفاق الخيال ، وفوق أرفف النسيان
والذكرى والأسماء والأرقام ، نفضت غبارًا به تجاعيدُ الزمن.
ثم فتحت الورقة بهدوء وسحبت مقعدًا قديمًا كان
بالقرب مني يراقبني ، وجلستُ ثم أمسكتُ الورقة بكلتا يدي
وجدتُ بها رسمة عينُ ثالثة فقط ، وبداخلها كلماتٌ صغيرة جداً تحمل سلامًا وأمانًا وحبًّا لايكرره الزمن ؛ فهمتُ حينها أن هذه العين الثالثة هي عين أمي وأبي .
توسدتُ المقعد وأرجعت ظهري للوراء وقمت بالاسترخاء
واستأذنت المكان والكتب والستائر أن يتركوني لوحدي ، وبعد خروجهم لحق بهم الباب وأقفل وراءه ، وأغمضتُ عيني قليلًا لتستضيفني الحياة في مكتبها الخاص وتطلعني
على شريط مسجل وحلقات مسلسلاتي جميعاً كانت :: ((الأبوان ))أبطالُ حلقات حياتي ::: هم العين الثالثة .