مقالات مجد الوطن

طَيْف

 

محمد الرياني

 

تسألُني!!

كنتُ ألوذُ بعمودِ الإنارة….. لا لشيء، ولم أرَ كلَّ شيء.

 

الحشراتُ الصغيرةُ التي خرجتْ منتشيةً بعد المطر ملاتِ المساحةَ التي كوَّنها الضوء، كانت تحوم بانتشاءٍ عارم، وفرحةٍ جعلتْ أجنحتَها الصغيرةَ تُحدثُ أصواتًا غريبة.

 

سألتني!!

هل أوحتْ لك الحشراتُ بشيء؟

قلتُ لها : كانت سعيدة جدًّا ولكنها كانت تتقاتلُ من أجلِ الضوء، من أجلِ بسطِ نفوذِها على أكبرِ مساحةٍ للضوء.

دعتْني للمكان الذي تختبئ فيه من المطر، كرَّرتْ عليَّ السؤال، صحتُ فيها بأن الحشراتِ الصغيرةَ حجبتْ عني الرؤيةَ فلم أستمتعْ برؤيةِ المطر الذي يدغدعها وهي تنتشي ، سعادتي جاءتْ غيرَ مكتملة، ظللتُ أغسلُ رأسي وجنبيَّ وأرفعُ لباسي الذي يغطي صدري لأستمتعَ كما الحشرات، انسحبتُ من المشيِ معها وهي تردد : الحشرات… الحشرات، هل يعقلُ أن تححبَ الحشراتُ عن عينيك الواسعتين رؤيةَ الجمال، قلت لها: عيناي أغرقهما المطر، جعلهما تسبحان وهما في مكانهما ، غاصتا في الهتَّان الباردِ وهما في قمة الفرح، ردَّتْ باستعلاء : أنتَ تبالغ في حبِّ المطر؛ يبدو أنك ولدتَ تحت السحاب ، قفزتْ ألوانُ الطّيْف، تجلَّتْ السماء، قلت لها : تبدو السماءُ جميلة، ما أروعَ السماء!

انصرفتُ عنها لأحصيَ الألوانَ بعد المطر ، انفتحتْ عيناي أكثر، جفَّ قعرُهما، رأيت كلَّ شيءٍ بوضوح، تفرقتِ الحشراتُ واختفت ، يبدو أن عمودَ الإضاءةِ فقد بريقه والصخب الذي جاوره.

 

عادتْ إلي لتسألني!

هل لاتزالُ أمام عينيك غشاوة، صمتُّ كثيرًا وأنا أتلمسُ بقايا ألوانٍ ارتكزتْ في السماء، تنفستُ أكثرَ من نسماتِ هواءّ خلَّفَها المطر، تعبتْ مني وغادرت، هناك خلفَ السحابِ مطرٌ وألوانٌ جعلتْني أنتشي أكثرَ من حشراتِ الضوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى