مقالات مجد الوطن

مذكرة أدبية ١٤٠٥هـ

 

فتاة الثالثة عشر من العمر بدون أقراط (حلق) في أذنيها لماذا ..؟!

كان سؤال ذو وقع كبير في نفسي من إحدى معلماتي بالمدرسة ، لم أستطع الرد عليها وأكتفيت بهز كتفي لها ورفع يدي بأني لا أعرف السبب..

وفعلاً أنا لا أعرف سبب عدم حصولي على قطعة من الذهب كي تُزيّن أذني ، أبتسمت معلمتي بهدوء وقالت : أسألي والدتك عن ذلك..!

ثم أنصرفت ولم ينصرف هذا الموضوع عن مُخيلتي ، وبمجرد وصولي للمنزل اتجهت للمطبخ باحثة عن أمي ، فهو مكانها المعتاد عند الظهيرة ، حيث تشرع في اعداد طعام الغذاء ..

ألقيت عليها التحية وباغتها بسؤالي لماذا يا أمي لا يوجد في أذني حلق من ذهب ..؟!

ابتسمتْ وقالت : لأن أذنيكِ لا ثقب بها ، لنضع حلقاً به ، في صغرك في الشهر الثالث من عمرك ثقبنا أذنك ووضعنا به حلقاً من ذهب ، وما هي إلا يومين وأصاب أذنيك إلتهاب شديد ، مما أضطررنا لخلع الحلق ، ومن يومها لم أفكر في وضع حلق لك ، ولكن اليوم بعد الغذاء سأعطيك إبرة صغيرة لتذهبي عند جارتنا ، لتضع لك ثقباً جديداً ..

تطايرتُ فرحاً بذلك وتحركت مُخيلتي ، ووقفت أمام المرآة كي أتخيل ، كيف سيكون شكلي بالأقراط الذهبية..

بعد الإنتهاء من وجبة الغذاء ، تركت أمي كامل المهمة على عاتقي وضعت الإبرة في يدي وقال : اتجهي لمنزل خالتك صالحة عبدية ألقي عليها السلام وأبلغيها قائلة: أمي تريدك أن تثقبي أذني..

أنطلقتُ مبتهجة لدار جارتنا ، طرقت الباب ودخلت مُلقية عليها التحية والسلام كما أوصتني أمي ،قائلة لها أمي تريدك أن تثقبي أذني ، ثم مددت يدي وأعطيتها الإبرة الصغيرة..

أخذتها وقالت بصوتها الجهوري المُتعب :بسم الله الرحمن الرحيم أجلسي يا ابنتي على السرير ، و وضعت خيط رفيع بالإبرة الصغيرة لونهُ أبيض ، وأخرجت من دولابها الصغير قنينة كبيرة من العطر الأنجليزي الشهير المسمى ( ريف دور) ووضعت الكثير منه على قطعة من القماش وشرعت في تدليك شحمة أذني اليُمنى حتى شعرت بالخدر بها ، توقفت فجأة وبشكل سريع وخزتني بقوة ، شعرت وقتها بتوقف أنفاسي ثم تلتها شهقة كبيرة وأخرجت الأبرة من الجانب الخلفي لأذني و عقدت الخيط عقدتين بشدة وقطعت الخيط عن الإبرة بمقص صغير ، ولم تُكمل ذلك إلا ودموعي تنهمر بغزارة من عيني ..

وقبل أن تكون لي ردة فعل على ما حدث ، تحولت بشكل سريع للأذن الأخري ووضعت خيط آخر وقامت بفرك أذني اليسرى وأكمل عملها وأنا في حالة من الرجفان ..

وما أن انتهت ربتت على كتفي وقالت لي ستصبحين صبية وبعد أسبوع ستضعين الذهب بإذنيكِ..

خرجت من دارها مُنهكة من البكاء والألم ، لم أكن أعلم بأن الثقب مؤلم وسيستمر بضعة أيام ، ولكن لا باس بكثير الألم طالما سأمتلك أقراط ذهبية كصديقاتي بالمدرسة..

…………

الكاتبة:أحلام أحمد بكري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى