فاطمة بكري
جازان العارضة
في هذه الحياة التي نعيشها، نقف أحيانًا في مفترقات الطرق، نتساءل عن مكاننا، عن هدفنا، وعن السبب الذي يجعلنا نبحث عن شيء أكبر من أنفسنا. “مازلت أبحث عنك” ليس مجرد كلمات، بل هي رحلة لا تنتهي من البحث عن الذات، عن الحلم الذي لم يتحقق، عن الفكرة التي تمنحنا الأمل في أيامنا الصعبة. إنها رحلة نتنقل فيها بين أمل وآخر، بين حلم وآخر، وبين ظلال الماضي الذي لا يتركنا وبين أضواء المستقبل التي نطمح إليها.
“يا طيفًا جميلًا، يا أجمل نغماتي”، هذه الكلمات تعكس ما نحمله في أعماقنا من مشاعر وأحاسيس لا يمكن التعبير عنها إلا بتلك الكلمات التي تنبع من القلب. نحن في بحث مستمر عن ما يعيد لنا تلك النغمات الجميلة التي كانت تزين أيامنا، نبحث عن الطيف الذي غاب عنا بسبب زحمة الحياة وتقلباتها. أحيانًا يبدو أن ما نبحث عنه هو شيء بعيد المنال، شيء كان موجودًا في لحظة ما، ولكن الوقت أخذ منه الكثير، حتى أصبح مجرد ذكرى تلهب قلبنا بالحنين.
وفي هذا البحث، لا نكتفي فقط بالبحث عن شيء خارجي، بل نحن أيضًا في صراع داخلي مع أنفسنا. “مازلت أبحث عنك وعن ذاتي” هي تلك اللحظات التي نواجه فيها أسئلتنا الداخلية. من نحن؟ ما الذي نريده حقًا؟ كيف نحقق التوازن بين ما نطمح إليه وبين ما نحن عليه الآن؟ نبحث عن هويتنا، عن الكبرياء الذي نشعر أحيانًا أنه فقد في زحمة العالم، عن الكيان الذي قد يكون فقد معالمه في خضم الهموم والتحديات.
وفي كل خطوة نخطوها في هذا البحث، نكتشف أن “مازلت أبحث عنك” هي ليست فقط كلمات نرددها، بل هي حالة مستمرة من السعي. السعي نحو الأمل، نحو الطموحات التي قد تكون محاطة بالشكوك، ولكنها تستمر بداخلنا كوقود لا ينطفئ. في هذه الرحلة، نجد أنفسنا أحيانًا ضائعين، وأحيانًا أخرى نجد إشارات تجعلنا نقترب أكثر من ما نبحث عنه.
لكن يجب أن نتذكر أن هذا البحث لا يعني أننا ناقصون. بل على العكس، هو مؤشر على أننا في حركة مستمرة، في تطور، وفي رحلة نحو أنفسنا. قد لا نجد كل شيء على الفور، وقد لا نصل إلى كل شيء كما نتمنى، ولكننا نكتسب خلال هذه الرحلة ما هو أكثر قيمة: الفهم الأعمق لأنفسنا، وتقبلنا لوجودنا كما نحن، بكل ما فيه من تناقضات وأمل.
في النهاية، “مازلت أبحث عنك” هي دعوة للاستمرار في السعي، في السعي نحو الذات، نحو الأحلام، نحو الكبرياء، نحو الأمل الذي لا يموت. هي رحلة مستمرة من اكتشاف كل جزء فينا، وهي تعني أن الحياة، بكل ما فيها من تحديات، تظل مليئة بالأمل والطموح في البحث عن الأفضل.
