مقالات مجد الوطن

*الصاحب* *ساحب* 

 

*بقلم*|✍️ *إبراهيم* *بن* *محمد* *عواجي*

 

قال صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” وقيل في الأمثال الصاحب ساحب، والصديق قبل الطريق ومسميات أخرى كثيرة عن الصحبة والصداقة، وكلها تبين وتوضح أهمية الصديق في مشوار الحياة، والصداقة على قسمين: صديق يدل على الخير ويرشدك إليه، وصديق يدل على الشر ويوقعك فيه.

 

الإنسان لا يستطيع أن يعيش منفردا ً بعيدا ًعن الناس، وإنما لا بد له من جماعة يعيش معها، ويتبادل معها المنافع والمصالح، ويقضي معها وقت فراغه.

 

والإنسان العاقل يختار أصحابه من الذين يُعرفون بالخلق الفاضل والتمسك بالدين الحنيف، ويتجنب مخالفة سيئ الخلق، المهمل في عمله، المقصر في أداء واجبه، وذلك لأن الإنسان يتأثر بصديقه ويعرف به.

 

قال الشاعر: طرفة بن العبد

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

ففيه دليلٌ عنه بالطبع تهتدي

ولا بدع في وفق الطباع إذا اقتدت

فكلّ قرينٍ بالمقارن يقتدي

وإن تصطحب قوماً فصاحب خيارهم

لتصبح في ثوب الكمالات مرتدي

وجانب قرين السوء يا صاح صحبةً

ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

 

حيث هناك علامات تدل على أنك محاط بأصدقاء جيدين منها على سبيل المثال لا الحصر:

-يستمعون لك ويتقبلون وجهة نظرك ويحترمون رأيك-

-يهتمون بك وتهمهم مصلحتك.

-يعطونك الحقيقة والرأي السديد.

-يدعمونك عند النجاح في كل عمل جميل تحققه.

-يفرحون لتحقيق منجزاتك.

-يشيدون بجهودك وعملك الرائع الذي تقدمه.

 

بعكس صديق الشر الذي يدلك على الشر ويوقعك فيه، فأحذر صحبته ورفقته.

 

قال تعالى في كتابه الكريم: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}.

 

وقال تعالى:﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾.

 

وفي السنة النبوية المطهرة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -“إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة.”

 

يوضح الرسول الكريم أثر الجليس الصالح، وأثر الجليس السوء، فيقول إن الجليس الصالح فائدته محققة، وهو يشبه حامل المسك، فحامل المسك إما أن يقدم لك هدية مما معه، وإما أن تشتري منه ما تريد، وإن لم يقدم لك هدية، ولم تشتر منه فستجد منه رائحة طيبة، وكذلك الجليس الصالح، فقد تتخذ منه مثلاً أعلى لك تحذو حذوه، وقد تستفيد من علمه وثقافته وتجاربه، وقد تعلو مكانتك بين الناس لاتصالك بهذا الإنسان المحترم.

 

أما جليس السوء فضرره محقق، وهو يشبه الحداد الذي يعمل أمام النار فإن مجالستك له واختلاطك به يعرضانك إلى شرارة من ناره تحرق ثيابك، أو تشم منه رائحة خبيثة، وكذلك مخالطة قرناء السوء، فقد تتأثر بهم، فتنحرف عن الصواب كما انحرفوا، وإن كنت تتمتع بالشخصية القوية التي تحميك من الانحراف فسينظر الناس إليك نظرة فيها شك واتهام، لأن الصديق مرآة صديقه.

 

وهناك خمسة لا تصاحبهم:

حيث وصَّى أحد الصالحين ولده، فقال: “يا بُني انظر خمسة لا تصاحبهم ولا تحادثهم، ولا تُرى معهم في طريق، قال: يا أبتِ جُعِلت فداك أبي وأمي، من هؤلاء الخمسة؟

 

قال: إياك ومصاحبة الفاسق، فإنه يَبيعك بأكلة أو أقل منها، قال: يا أبتِ، ومَن الثاني؟ قال: إياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، قال: يا أبتِ، ومَن الثالث؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب؛ فإنه يُقرب منك البعيد ويباعد عنك القريب، قال: يا أبتِ، ومَن الرابع؟ قال: إياك ومصاحبة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، قال: يا أبتِ، ومَن الخامس؟ قال: إياك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإني وجدته ملعونًا في كتاب الله.

 

فلا بد ومن الضروري أن نحسن صحبتنا، لإن الصاحب ساحب، فإما أن يدلك ويرافقك في طريق النجاح والتميز والتألق على مستواك الأسري والعملي، وإما أن يرافقك إلى طريق الكسل والفشل والضلال، فالصاحب ذو الخُلق والصفات الحميدة فضل من الله عز وجل وكنز من كنوز الحياة التي لا تقدر بثمن، نسأل الله لنا ولكم الصحبة الصالحة.

 

قال السعدي رحمه الله ” من أعظم نعم الله على العبد أن يوفقه لصحبة الأخيار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى